عبد الله شوكا.
ما أجمل الحياة في البادية حيث الطبيعة والهدوء، واستنشاق الهواء النقي، والمشي في الأرض الرحبة والواسعة، بالإضافة إلى الميزة التي يعرف بها اهل البادية بكرم الضيافة.
ويمتاز اهل البادية بنشاط سواعدهم في الفدادين والضيعات، وفي بعض المرات يكون الاشتغال جد مضني ومتعب، في انتظار جني المحصول الزراعي خلال فصل الصيف، مع تقلبات أحوال الطقس.
وبالرغم من جدية اهل البادية والإخلاص في عملهم الفلاحي في الفدادين، فقد لا يتوانون في أخذ قسط من الراحة، وذلك بخلق مواقف طريفة بينهم، ينسون من خلالها تعبهم واشتغالهم اليومي.
ولتقريبكم من هذه الحكايات والمواقف الطريفة التي عاشها اهل البادية، تنشر لكم جريدة أركان بريس البعض منها على شكل سلسلة يومية.
.
الحلقة رقم 3.
حكاية عبد الكبير ومشاهدته لأول مرة جهاز التلفزيون.
عاش عبد الكبير منذ طفولته في الدوار، وفي القبيلة، دون ان يغادرهما لأية وجهة بعيدة، كان ذلك في حقبة الستينات والسبعينات، وكان عبد الكبير يتوجه من الدوار الى المواسم السنوية التي كانت تقام غير بعيد عن الدوار، وكان يستمتع بالتبوريدة.
وكان عبد الكبير يسعد كثيرا بالتوجه إلى السوق الاسبوعي القريب من الدوار كل يوم أحد، وكان يشتري الفخوخا لصيد العصافير خلال فصل الصيف.
وكانت عائلات لعبد الكبير تزور الدوار وتقضي عطل فصل الصيف، وكان عبد الكبير ينتظر قدومها في محطة القطار الغير بعيد عن الدوار.
وخلال احدى عطل فصل الصيف في حقبة السبعينات حلت عائلة عبد الكبير بالدوار قادمة من الدار البيضاء، ولما انقضت العطلة همت العائلة بمغادرة الدوار والعودة إلى الدار البيضاء.
حزمت العائلة حقائبها وامتعتها، وتوجهت ذلك الصباح الى محطة القطار، وكان عبد الكبير يرافقها لمساعدتها بحمل ما ثقل من امتعة، وكان على عبد الكبير العودة إلى الدوار بمجرد ركوب العائلة، ومغادرة القطار محطة البادية.
لكن وهم في محطة القطار، طرحت العائلة على الكبير مرافقتها الى الدار البيضاء، وبعد تفكير، وافق عبد الكبير بمرافقة عائلته الى الدار البيضاء، وكان ذلك اليوم اول مرة يركب فيها عبد الكبير القطار، ويسافر إلى المدينة.
وبوصوله الدار البيضاء، تفاجأ عبد الكبير بعالم آخر، واجواء اخرى لا تشبه ما ألف العيش فيه بالدوار، وصلت العائلة ومعها عبد الكبير إلى البيت، وبعد أخذ قسط من الراحة، خرجت العائلة لقضاء بعض الاغراض، في حين بقي عبد الكبير وحيدا في البيت امام جهاز التلفزيون، وكانت أول مرة يشاهد فيها عبد الكبير التلفزيون، وكان حينها مصطفى العلوي يقدم نشرة الاخبار، ويحكي عبد الكبير انه ظن أن مصطفى العلوي يخاطبه لوحده، وأضاف أنه عندما كان مصطفى العلوي يقرأ نشرة الأخبار، ويهز رأسه، كان عبد الكبير ينظر إلى الارض خجلا من مصطفى العلوي الذي ظن أنه يكلمه لوحده.