عبد الله شوكا
ما أجمل الحياة في البادية حيث الطبيعة والهدوء، واستنشاق الهواء النقي، والمشي في الأرض الرحبة والواسعة، بالإضافة إلى الميزة التي يعرف بها اهل البادية بكرم الضيافة.
ويمتاز اهل البادية بنشاط سواعدهم في الفدادين والضيعات، وفي بعض المرات يكون الاشتغال جد مضني ومتعب، في انتظار جني المحصول الزراعي خلال فصل الصيف، مع تقلبات أحوال الطقس.
وبالرغم من جدية اهل البادية والإخلاص في عملهم الفلاحي في الفدادين، فقد لا يتوانون في أخذ قسط من الراحة، وذلك بخلق مواقف طريفة بينهم، ينسون من خلالها تعبهم واشتغالهم اليومي.
ولتقريبكم من هذه الحكايات والمواقف الطريفة التي عاشها اهل البادية، تنشر لكم جريدة أركان بريس البعض منها على شكل سلسلة يومية.
.
الحلقة رقم 4.
كرة طائشة كادت تودي بحياة محمد الملقب ب “با حصاد”.
هو محمد الذي أطلق عليه ابناء القبيلة لقب “با حصاد”، ومعروف عند ابناء الدواوير والقبيلة ان لكل شخص ينتمي لمختلف الدواوير في البادية، اكيد انه يحمل لقبا من الالقاب اطلقه عليه اهالي البادية، وغالبا ما يستعمل اللقب اكثر من الاسم الحقيقي للشخص، والجميل ان الكل يرضى باللقب الذي أطلقه عليه اهالي البادية، ويتقبله بصدر رحب.
ومنذ الثمانينات شاعت لعبة كرة القدم بين الدواوير في القبيلة، وأصبحت تنظم مقابلات في كرة القدم بين مختلف الدواوير، وهذه المباريات كانت لا تحمل من لعب الكرة الا الاسم، وهي في الحقيقة كانت حربا شرسة بين السيقان القوية عند شباب البادية، لتحضر بعد ذلك الفنيات والتقنيات مع توالي السنين.
وحصل ان جرت مقابلة بين الدوار الذي ينتمي اليه محمد “با حصاد” ودوار آخر ينتمي لنفس القبيلة، وكانت تربة ملعب المباراة جد صلبة، وابتدأت المباراة بحماس واي فريق دوار لا يرضى بالخسارة، واخذت الكرة تجلد من طرف السيقان القوية لشباب البادية، وشرع التشنديل في جميع الاتجاهات، وكان محمد “با حصاد” يدافع عن شباك فريق دواره بشراسة واستماتة، مستغلا قوته البدنية.
وكان الفريق الخصم يضم بين صفوفه شابا ذو قامة طويلة، وسيقان قوية يسمى رحال، وكان مستحيلا ان تداعب كرة او تستخدم فنيات كروية وانت تحاول اجتياز المدافع القوي رحال.
وفي إحدى الهجمات صعد المدافع القوي رحال الى الهجوم، وسدد كرة بكل ما اوتي من قوة، وفي تحدي منه، حاول المدافع محمد “با حصاد” اخراج الكرة برأسه من المرمى، وفعلا تمكن من ذلك، لكنه سقط على الأرض، وأصيب بغيبوبة بسبب ارتطام رأسه بتلك الكرة القوية الآتية من ارجل القوي رحال، توقفت المقابلة وأصيب الكل بخوف شديد، وظن الكل ان محمد “با حصاد” فارق الحياة.
تجند الكل على حمل محمد “با حصاد” الى بيت اهله بالدوار وهو مغمى عليه، وبعد مرور أيام استفاق محمد “با حصاد” من غيبوبته، لكن بدأت تظهر عليه حركات غريبة، اصبح يسلم على أفراد عائلته، وعلى كل من جاء لزيارته وكأنه مسافر الى بلاد بعيدة.
انه التحدي من محمد “با حصاد” الذي تصدى لتلك القذيفة الجهنمية التي ارسلتها سيقان المدافع القوي رحال، ونجح محمد “با حصاد” في إخراج الكرة من الشباك، لكن النتيجة غيبوبة اصابته، وادت به إلى القيام بحركات غريبة، بتقديم التحية والسلام، ومد اليد ومصافحة كل من جاء لزيارته، حتى أن أسرته اعتقدت انه فقد عقله