عن صفحة الزميل جمال السطيفي بالفيسبوك:
في كل تظاهرة كروية قارية أو عربية ينظمها المغرب، تُفتح الأبواب ولا تُغلق، مع تقاليد كرم تتجاوز المطلوب، ويُستقبل الضيوف كأنهم أهل الدار. لكن، ويا للأسف، عندما تنتقل فرقنا إلى بعض البلدان، فإنها لا تُقابل بالحفاوة نفسها، بل تُواجه بالصعوبات والعراقيل، وأحيانا بالتنكيل
وما حدث لجمهور الجيش الملكي بالقاهرة في مباراة بيراميدز، سيظل نقطة سوداء، بل وصمة عار على جبين من صنعوا ذلك المشهد العبثي.
جمهور ترك العيد خلفه، وقطع آلاف الكيلومترات، حجز تذاكر الطائرة والفندق، وصرف من ماله الخاص، لا لشيء سوى أن يكون سندا لفريقه في مباراة قارية.
جمهور حضر ليمارس حقا مشروعا في التشجيع… لكنه وجد نفسه ممنوعا من دخول الملعب لأسباب واهية، بينما المدرجات ظلت شبه فارغة، لأن بيراميدز ناد بلا قاعدة جماهيرية.
لم يُسمح للجمهور بالدخول إلا مع انطلاقة الشوط الثاني، في مشهد عبثي لا يُرى إلا في بطولات الأحياء، لكن الأسوأ لم يكن فقط في المنع من الدخول أو تعقيد الإجراءات، بل في السلوك المهين الذي تلا صافرة النهاية: إطفاء أضواء الملعب بينما جمهور الجيش الملكي ما زال في المدرجات!
تصرف حقير يعكس استخفافا بمشاعر الجمهور، وانعداما تاما لحس الضيافة، بل وخرقا فاضحا لمعايير السلامة، خصوصا أن خروج الجماهير في الظلام يعرضها للمخاطر ويخلق حالة من الفوضى، تُسائل حتى أجهزة التنظيم الأمني المصري.
هذا المشهد، بكل تفاصيله، لا يشبه مصر التي نحبها، ولا يُشبه جمهورها الذي نعرفه، ولا تاريخها الرياضي الراقي. لقد بدت تصرفات إدارة بيراميدز وكأنها تنتمي إلى زمن العصور الوسطى، زمن الأبواب الموصدة والمواكب المحاصَرة، وليس إلى القرن الحادي والعشرين.
أما تبريرات بيراميدز، وفق رواية مدير المباريات هشام زيد، الذي ادعى أن فريقه “لم يمنع” الجماهير المغربية، وأن السعة المرخص بها كانت 2000 متفرج فقط في ملعب يسع لـ50 ألف مقعد، فإنها لا تعدو أن تكون عذرا أقبح من زلة، وذرّا للرماد في العيون. لأن المباراة ليست لدورة رمضانية، بل مواجهة ربع نهائي في أكبر منافسة قارية، ولا يُعقل أن تُقزّم بهذا الشكل.
الأنكى أن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، الذي يفترض أنه ضامن لتكافؤ الفرص، وراعي لكرامة الأندية والجماهير، اختار الصمت، واكتفى بدور المتفرج، وكأن الكرامة الجماهيرية لا تدخل في دفتر تحمّلاته ولا في شعاراته الرسمية.
كان يكفي أن تُفتح الأبواب لجمهور جاء من بعيد، لا أكثر، لكن للأسف، أُغلقت الأبواب، وأُطفئت الأضواء، وأُهينت الجماهير… وكأننا في تظاهرة ضد الرياضة، لا من أجلها.
في النهاية، قد تُطوى صفحة المباراة، لكن من الصعب طيّ صفحة التنكيل، ومن الصعب نسيان العتمة التي استُقبل بها جمهور مغربي حضر ليُشجع فريقه، فانتهى به الأمر محاصرا في ظلام ملعب… وفي ظلام كاف، تتقن “التدبير العشوائي”.