مجموعة الوتساب الحكومية: بين الحلم والسياسة… وعزيز مصر!

جلال كندالي

جلس رئيس الحكومة متكئا على أريكته الوثيرة، هاتفه الذكي بين يديه، ذلك الهاتف الذي كلف الدولة ما يكفي لشراء قطيع من الأكباش المستوردة من رومانيا، لكن ليس للأضحية، بل لأنه “حاجة ضرورية” لأداء مهامه الجسام.
فتح مجموعة الوتساب السرية التي أنشأها منذ زمن بعيد، ربما حين كان لا يزال يعتقد أن بعض الوزراء يفهمون إشاراته دون الحاجة إلى تكرار الكلام ثلاث مرات.
كتب رسالة مقتضبة يدعو فيها إلى اجتماع عاجل. لم يرسلها عبر أوديو، لأن صوته كان مبحوحا بفعل نزلة برد خفيفة، زادها سوءا قلقه المزمن تمرد البعض عن سيادته دون سابق إنذار بمن فيهم من أنشأ لهم حسابات بنكية وحسابات في العالم الافتراضي للدفاع عنه،والتي كانت كفيلة بجعل أي مسؤول في أتم عافيته يعاني من ارتفاع ضغط الدم.
أول من تفاعل مع الرسالة كان وزيرا مشاكسا، يشكك في كل شيء، حتى في سعر “السردين” في الأسواق. كتب الوزير مستفزا:
“علاش غنجتمعو، السيد الرئيس؟ مبقى علاش، راه كلشي واضح.”
وكأنما كان الجميع ينتظر هذه الجملة ليبدأ التمرد، حتى أرسل وزير آخر من حزب حليف معارض، متقمصا دور موسى مع الخضر :
“هذا فراق بيننا وبينكم.”
شعر الرئيس المحترم بأن سلطته على وشك أن تتحول إلى “لايف تيكتوكي”، فقرر التدخل بصوته المبحوح رغما عنه:
“شوفو أسيدي، نجتمعو ومن بعد نتفرقو، ولكن عندي حلم بغيت نشاركو معاكم، وبغيتكم تفتيو فيه.”
تجاوب الوزراء دفعة واحدة، بإجماع لا يحصل حتى عند التصويت على رفع أسعار الوقود:
“خيرا وسلاما، آ سيدي الرئيس، تفضل.”
تدخل أحد الوزراء الموالين بحل وسط، كعادته، فهو بارع في إرضاء الجميع دون أن يقول شيئا مفيدا:
“سيدي الرئيس، احكِ لنا الحلم، ومن بعد نعطيك الفتوى المناسبة.”
تنحنح الرئيس، وأخذ نفسا عميقا كأنه سيعلن عن ميزانية الدولة، ثم قال:
“رأيت فيما يرى النائم أننا في الانتخابات المقبلة، كانت هناك حمامة تنقر بمنقارها العديد منكم، وتطير عاليا ثم تحط على كتفي.
حاولت مرارا منعها، فربطتها بحبل، لكنها قضمت الحبل وعادت لنفس التصرف، فاضطررت إلى نتف ريشها، لكن كلما تمرغت في الأرض، نبت لها الريش من جديد وعادت إلى عادتها القديمة، هذا الحلم أزعجني، فأردت استشارتكم.”
ساد الصمت في المجموعة… ثم كتب أحد الوزراء بسخرية واضحة:
“سيدي الرئيس، واش هادي حمامة ولا ” باسم الله الرحمان الرحيم “.
وأضاف آخر، وهو معروف بتعليقاته الساخرة حتى في الاجتماعات الرسمية:
“واش حمامة عصمان ولا هدهد سليمان
لكن الوزير الموالي، كعادته، كان جاهزا ليحفظ ماء الوجه:
“الحلم عميق، ويحتاج إلى تأويل دقيق، نقترح نديرو لجنة لدراسة تداعيات الحمام في الرؤى السياسية.”
وبينما الجميع يحاول أن يبدو جديا، ظهر تعليق مباغت من رقم مجهول في المجموعة:
“واش هذا كيسحاب له راسو عزيز مصر؟”
عندها، خرج الرئيس من التطبيق، وأخذ يفكر في حل جذري… ربما آن الأوان لإقالة الجميع وتعويضهم بمستشارين لا يعرفون كيف يستعملون الوتساب.

Related posts

Leave a Comment