رصاص رسمي خسة الاقتراف وقداسة الادعاء …!

الكاتبة السورية هيام سلوم

من روائع عالم الاجتماع العراقي د. علي الوردي….
فتح الحمار مذكرة يومياته وكتب فيها :
« أنا لا أعرف كـم مضى مـن الزمن على رحيــل الأســـد ، ولكن وصلت في نهاية عمري إلى قناعة راسخة لكنها قاسية ومؤلمة مفادها أن ديكتاتورية الأسد أفضل من حرية القردة والكــلاب ، فهـو لــم يكن يستعبـ..ـــدنا بل كــان يحمـينا مـــن قـــــرود تبيع نصف الغابة مقابل المـــــــوز ، وكلاب تبيع نصفها الآخر مقابل العظام…..»
ما يحدث في المنطقة العربية من فوضى وتجاوزات ومذابح وقتل يندى له الجبين ،وعيون العالم عمياء وآذانهم صماء عما يحدث .
وكأن مظاهر القتل والدماء تمتع ناظرهم فلا يريدون لها انتهاء ان لم تكن من تخطيطهم وتخدم اجنداتهم .
ترددت في الكتابة عن الخوف أو القلق الذي يعيشه السوريون .
وماذا تفيد الكلمات والعبارات والتهدئة أمام أب يرى أبناءه الخمسة قتلوا بالرصاص خمس رصاصات خمسة أفراد بمشهد يندى له جبين العالم والعولمة .
وأسرة أخرى أمام اعين الاب قتلوا أطفاله الثلاثة وزوجته وابنه العاجز على كرسي متحرك ، مجازر الساحل خاصة وبقية مناطق سوريا عامة تشهد ما يصعب تصديقه من قتل وسرقة بيوت وأرزاق المواطنين ، بأي كلام أو دواء سيهدأ أولئك المفجوعين الموجوعين.
وأي عبارت تفيد في حفل عزاء جماعي . الصمت والدموع أجدى من أي كلام.
ما يحدث فاق كل بشاعة حروب الأرض .
ليست حرب أو خلافات سياسية .
إنها حرب إبادة لطائفة لم تحمل السلاح واعلنت التاييد للتغير منذ اليوم الاول .
أخذتني هذه الفواصل الدامية إلى الإنسان وماهيتة كيف يمكن أن يكون قاتلاً وآكلا للأكباد .
الإنسان في طبيعته خَيّر الطباع يمثل وجه الله الذي خلقه وكرمه .
(أتحسب نفسك جرماً صغيراً وفيك انطوى العالم الاكبر ) .
ولكن عبر الزمن دوماً المسيطرون بيدهم السلطة. اما المثقفون والعارفون بعيدين عن القرار لا دور لهم .
ما يحدث لا علاقة له بالله ولا الدين . بل يمثل امبريالية وجشع وصراع مادي للسياسيين الذين يجعلون من ماساة الشعوب تبرير لسياساتهم الفاضحة .
فالشجاعة ونصاعة السلوك الانساني لصالح الانسان وعدم انتهاك قواعد الانسانية هي الشرف هي الرفعة بكل الصفات الأخرى .
لا أعلم كيف لهؤلاء الذين من ادعياء الدين ومعرفة الله كيف يقدمون بهذه الأفعال المشينة بأي حق يقتل الإنسان وتنتهك الحرمات ، سحقاً لكل ادعياء قتل الانسان بعنوان وتبريرات دينية ، هذا تجني كبير على السماء ، هذه الشرور والآلام التي تعاني منها البشرية ليس لها علاقة بالله .
الله يجب أن يكون أنموذج لارتقاء الناس إلى صفاءه يجب أن نكون كلنا آلهة محبة وخير.
في حوارية لسقراط مع الجلاد :
الجلاد : ستموت غداً يا سقراط
سقراط : من الآن إلى الغد قد يكون أطول من كل سنواتي السابقة .
الجلاد : هل أنت حاقد على من ظلموك!
سقراط : لا ، الحقد عقوبة أخرى اوقعها على نفسي
الجلاد : هل كانت الحياة تستحق كل هذا ؟
سقراط : لا لا تستحق ولكن الموت هو من يستحق ذلك
وكيف ذلك يا سقراط
سقراط : إن العبور إلى الخلود يتم عبر جسر الموت
الجلاد : وهل هناك من يخلد في هذه الحياة ؟
سقراط : إن الخلود مكافأة الأنفس التي ازهقت على مذابح الحقيقة.
-الجلاد : لماذا لا تبدو خائفاً؟
– سقراط : لأني خالي من الأمل ومن يخلو من الأمل يخلو من الخوف.
تبقى خسة الادوات ووضاعة الانظمة التي تقتل مواطنيها وصمة عار لا يمحو ذكرها ولا ينسى أثرها ووقعها ، فيما ستبقى الدماء الطاهرة صوت إلهي صارخ يطارد القتل والمجرمون وأولئك الذين يقترفون فضائحهم باسم الله .

Related posts

Leave a Comment