انطفأ الرمح الملتهب

محمد الجوكر
( الإمارات العربية المتحدة)

علاقتنا بالرياضيين السودانيين علاقة تاريخية أزلية، فأبناء السودان لهم من الإسهامات التي تظل دائماً في الأذهان بدات مع فترة الستينيات وقد قاربت على الانتهاء من مشروع كتاب توثيقي عن العلاقة الرياضية بين الامارات والسودان منذ عامين الا ان الاحداث الجارية في البلد الشقيق توقفت لفترة مؤقتة لحين الانتهاء من الازمة ..وهنا أشاركهم حزنهم لوفاة كابتن السودان والهلال حيدر حسن حاج الصديق «علي قاقرين»، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى بالقاهرة.
الله أن يغفر له، ويرحمه، فـ«الرمح الملتهب» كما أسمته الصحافة الأفريقية يعد أحد أشهر نجوم الكرة العربية والأفريقية، وقد التقيته خلال الدورة العربية بالجزائر عام 2004، وشعرت بالثقافة والدبلوماسية، التي تمتع بها كعادة أبناء الشعب السوداني العاشق للأدب والمعرفة، وبعدما توج مع منتخب بلاده ببطولة أفريقيا عام 1970 انتقل إلى الاحتراف في نادي النصر السعودي موسم 1976، وتوج معه بكأس الملك، وحصل بعدها على دكتوراه في القانون العام.
ولنا معه حكاية، لا يعلم بها الكثيرون مع نادي النصر عميد الأندية الإماراتية، وكانت في السبعينيات أيام المدرب الإنجليزي باتسيورد، أشار لهم الأشقاء السودانيون بأن هناك لاعباً مشهوراً، اسمه علي قاقرين، خلال معسكر النصر بالخرطوم ولقب بقاقرين نسبة إلى عالم الفضاء، وبالفعل تم متابعته كما قال لي عبدالرحمن تهلك، سكرتير نادي النصر آنذاك، حيث كان يعمل المرحوم في بنك السودان، وبعد ذلك عرضنا عليه الحضور معنا، وقلت له والكلام لتهلك: «نحن ذاهبون إلى سوريا والأردن، وإذا أعجبتك الشروط التي حددناه للتعاقد معك فأهلاً بك»، لكن الحظ لم يحالف.
وعند وصولنا إلى الأردن كنا نلعب مباراة ودية مع النادي الفيصلي، وعندما صفّر الحكم «سقط قاقرين على الأرض» قبل بداية اللعب، فتساءلنا عما حدث فوجدناه قد أغمي عليه، فأخذناه إلى المستشفى للعلاج، ومكث في المستشفى يومين، وبعدها وجدنا أن الحظ لا يسعفه بأن يلعب مع النصر، فقررنا عدم التعاقد معه، وهذه الحادثة لا ينساها، والنصر الذي تربطه علاقة ممتازة مع الكرة السودانية، حيث مر عليهم العديد من اللاعبين المميزين.. امثال سانتو الفاضل ود كسلا وحموري والثلاثة ايضا مثلونا في بداية تشكيل منتخبنا العسكري لكرة القدم ومعهم الطيب سند ونجم الدين فاضل لاعبا نادي الشارقة والمدرب القدير عبدالقادر كوارتي الذي درب الازرق مع مطلع السبعينات وقاد الفريق في معسكر القاهرة عام 1971 .. رحم الله «الرمح الملتهب»، فكان إنساناً بمعنى الكلمة ، هكذا الحياة فالأشياء الجميلة تذهب بهدوء!ا الفرح السوداني توفي خارج وطنه وهنا الحزن يزداد!

Related posts

Leave a Comment