الدراما المغربية: أسباب التدهور وآفاق التجديد

مهدي سيما

تعد الدراما المغربية جزءًا مهمًا من المشهد الثقافي والفني في المغرب، حيث ساهمت لسنوات في تشكيل الوعي المجتمعي وعكست قضايا المجتمع بأسلوب فني مقبول أنذاك. ومع ذلك، شهدت الدراما المغربية تراجعًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، سواء على مستوى الجودة أو التأثير الجماهيري، مما أثار تساؤلات حول أسباب هذا التدهور وسبل النهوض بها.
حيث تعاني العديد من الأعمال الدرامية المغربية من ضعف السيناريو وغياب الحبكة القوية، حيث يتم التركيز على المواضيع المستهلكة التي لا تقدم جديدًا للمشاهد. كما أن بعض النصوص تفتقر إلى العمق وتبدو سطحية، مما يفقد العمل الدرامي جاذبيته وتأثيره.
ليس العيب فقط في الكاتب وحده، فالدراما المغربية تعيش مشاكل تمويلية أو بمعنى أدق طريقة تسيير التمويل تجعل الإنتاجات ضعيفة من حيث الجودة التقنية والإبداع الفني. فغالبًا ما تعتمد الإنتاجات التلفزيونية على ميزانيات محدودة، مما يؤدي إلى ضعف الديكورات، قلة أماكن التصوير، وضعف المؤثرات البصرية والصوتية… كما هي هيمنة التوجه التجاري على حساب الجودة حيث باتت العديد من القنوات التلفزيونية تهتم بالمردود الإعلاني أكثر من جودة المحتوى، مما أدى إلى التركيز على الأعمال السطحية التي تستهدف الربح السريع، بدلًا من إنتاج دراما ذات قيمة فنية وفكرية.
و أما عن غياب وجوه جديدة مبدعة وتكرار نفس الممثلين مما ادى الى استياء الجمهور من تكرار نفس العناصر الفنية في معظم الأعمال، مما يجعل المشاهد يشعر بالملل. كما أن الفرص نادرة أمام المواهب الجديدة، مما يحد من التنوع والابتكار في الأداء الدرامي.
و على الرغم من تطور الصناعة السمعية البصرية عالميًا، إلا أن العديد من المسلسلات المغربية لا تزال تعتمد على أساليب إخراجية تقليدية تفتقر إلى الحداثة. كما أن التصوير والمونتاج لا يواكب أحيانًا المعايير الاحترافية، مما يؤثر على جودة العمل من خلالها لا تحظى الأعمال الدرامية المغربية بالترويج الكافي على المستوى المحلي والدولي، مما يحد من انتشارها. كما أن الإنتاجات العربية والعالمية التي تصل بسهولة إلى المشاهد المغربي عبر المنصات الرقمية أصبحت تشكل منافسًا قويًا للدراما المحلية.
يجب الاستثمار في كتاب السيناريو الشباب ودعمهم لتقديم قصص مبتكرة ومتماسكة ذات حبكة قوية تجذب الجمهور.
كما يحتاج القطاع إلى اهتمام و دعم مالي أكبر سواء من الدولة أو من شركات الإنتاج الخاصة، لضمان جودة الإنتاج الفني كما يجب فتح المجال أمام وجوه جديدة من الممثلين والمخرجين لتقديم رؤى إبداعية مختلفة وإثراء المشهد الدرامي المغربي.. و وجب التركيز على الترويج للأعمال الدرامية المغربية عبر مختلف المنصات الرقمية ووسائل الإعلام، لضمان وصولها إلى جمهور أوسع داخل المغرب وخارجه.

Related posts

Leave a Comment