حكايات وطرائف عاشها البدو الحلقة 1

عبد الله شوكا

ما أجمل الحياة في البادية حيث الطبيعة والهدوء، واستنشاق الهواء النقي، والمشي في الأرض الرحبة والواسعة، بالإضافة إلى الميزة التي يعرف بها اهل البادية بكرم الضيافة.
ويمتاز اهل البادية بنشاط سواعدهم في الفدادين والضيعات، وفي بعض المرات يكون الاشتغال جد مضني ومتعب، في انتظار جني المحصول الزراعي خلال فصل الصيف، مع تقلبات أحوال الطقس.
وبالرغم من جدية اهل البادية والإخلاص في عملهم الفلاحي في الفدادين، فقد لا يتوانون في أخذ قسط من الراحة، وذلك بخلق مواقف طريفة بينهم، ينسون من خلالها تعبهم واشتغالهم اليومي.
ولتقريبكم من هذه الحكايات والمواقف الطريفة التي عاشها اهل البادية، تنشر لكم جريدة أركان بريس البعض منها على شكل سلسلة يومية.

الحلقة رقم 1.

يوم هيأ عبد الكريم عقربا اسودا للسع رجل بوشعيب.

كان الجو صيفا قائضا يعود إلى حقبة السبعينات، وكان شهر غشت ينشر حرارته الملتهبة على أرض وهضاب مناطق الرحامنة، وقد جمع الاشتغال كل من عبد الكريم، المعروف في القبيلة بطرائفه، وبوشعيب في عملية دراس للحبوب عند المسمى با سالم.
وكان المحصول الزراعي والصابا في تلك الحقبة من السبعينات يأتون بالوفرة، وبانتظام كل سنة فلاحية، وكانت عملية الدراس تتم بربط المواشي فيما بينهم، كي يدوسوا على اكوام السنابل الموضوعة في عملية دوران، وفي مكان يسمى بالكاعة.
وخلال ذلك اليوم القائض والحار، حل عبد الكريم وبوشعيب كالعادة بمكان الدراس، وتم ربط المواشي فيما بينهم، وكانت عملية الدراس تبدأ خلال الساعة الواحدة زوالا وفي عز حرارة شهري يوليوز وغشت.
تم ربط المواشي وشرع عبد الكريم هو من يسوق المواشي في عملية الدوران فوق أكوام السنابل، بينما اهتم بوشعيب بالوقوف بجانب الدرسة، وهو يقوم بدفع السنابل تحت أقدام المواشي، وكان عبد الكريم وبوشعيب يتناوبان على العمليتين.
ظل عبد الكريم يسوق المواشي فوق الدرسة، بينما انشغل بوشعيب بدفع أكوام السنابل برجليه تحت أقدام المواشي، وفجأة ظهر عقرب اسود رافعا شوكته مع وقت حرارة ذلك اليوم، وبسرعة قياسية خطر ببال عبد الكريم ما سيقوم به اتجاه بوشعيب، ولم يفكر عبد الكريم في الامر الخطير الذي سيقدم عليه اتجاه بوشعيب، وكانت عملية الدراس تؤدى باقدام حافية، وكما كان متعارفا عنه عند أهل البادية، من غير اللائق أن تدخل مكان عملية الدراس والزرع بالأحذية.
ظل العقرب الاسود يحوم حول الدرسة، رافعا شوكته وعبد الكريم يراقبه، حتى اختبأ في كومة سنابل بجانب الدرسة، إذ ذاك أمر عبد الكريم بوشعيب بدفع تلك الاكوام من السنابل برجليه، وفعلا نفذ بوشعيب ما أمره به عبد الكريم، ولحظة سمع صياح بوشعيب من شيء اصابه في رجله، وسقط ارضا من شدة الالم، ظل يصرخ في مكان قد لا يستطيع أحد أن يسمعه، خصوصا في ذلك الوقت من الزوال، وكل سكان الدوار كانوا مستسلمين لقيلولة صيفية.
ظل بوشعيب يترنح من شدة ألم لسعة العقرب، و ظل عبد الكريم غير مبالي بحالة بوشعيب، حيث تابع عملية الدراس وكأن شيئا لم يقع.
وبعد لحظات تم حمل بوشعيب الى الدوار لتقديم الاسعافات له، وتقديمه إلى فقيه مسجد الدوار كي يتلو عليه بعض الايات القرآنية، في تلك الحقبة من السبعينات، التي لم يكن متوفر فيها أدوية ومصل مضاد لسموم الحشرات.
واثر هذه الواقعة فهم سكان الدوار، أن عبد الكريم هو صاحب تلك المكيدة الخطيرة التي أقدم عليها ضد بوشعيب، وهو عمل خطير لم يحسب عبد الكريم عواقبه.

Related posts

Leave a Comment