–
لماذا صرت أرى” وجوه” الأديب محمد شكري في كل مكان أرتاده..
في الصباحات والأماسي ومابينهما..
في الليالي والأفجار…؟
” وجوه “..
أسداف لي تتراءى..
تتراقص أمامي،
تتبدى لي بين الفينة والأخرى،
تنط امام أنظاري.
ومن حولي بصور وبأشكال مختلفة.
في صحوي،
وتحاصرني في استشباحاتي ومناماتي الداهمة …
لست أدري؟
هل قدر لي ان اظل احلم بأبطال الروايات، و المسرحيات، وشخوص التشكيل السوريالي، وتوهماتي و انا أصغي واتأمل سحر “بحيرة بجع” تشيكوفسكي، وإبداعات الفن التربيعي كلما جبت أزقة حارتي، أوتسكعت كثيرا بين متاهات دروب وشوارع مدينتي؟
ومتى أُبْتُ من أودٍ إلى حيث أخلو مستوحدا بنفسي كيما اتفكر في مجرى الأمور، وتبدلات عالم متسارع، وزمن تعولم في غفلة منا ونحن عنه ساهون؟
لست أدري !!؟
يحدث لي مرات ومرات أن اغادر حيزي برهةً فأنسى ارتداء نظارتي الطبية، او حمل بطاقتي الوطنية ،أو فردة من نعلي كما حصل للشاعر أحمد فؤاد نجم سنة 1977 حين غادر غرفته فجأة في عز فجر للالتحاق بجمهرة طلابية في قلب قاهرة المعز دفاعا عن مصرية سينا …!!!!!
احيانا يجتاحني وجلٌ غريب. لا اجد له تفسيرا فأفتح تفسير احلام ابن سيرين علني ألتقط تأويلا يلطف وجلي..
ينتابني رهاب نسيان هويتي، أتحسس بدني فأضرب اخماسا في أسداس !!!!!
صرت أيضا انسى ارتداء ال BAVETTE التي قد تقي خياشيمي من خيوط دخان السجائر في المقاهي الشعبية. أنسى حمل مفاتيج مأواي ولا أنسى” القاهرة الجديدة “وشخوصها التي تتحرك أمامي في ركح كبير هو الشارع العام.
أرى أحداثها بينة، ووقائعها جلية تماما أمام اعياني، فأقرأ عبرها تحولات المعايير، وسوقا حقيقيا من القيم والأخلاق، ولغوا جديدا، ومسلكيات كسيحة، وشراذم اصلعية، وذهنيات معوجة هي اغرب من الغرابة نفسها..
إلى اي حد تسعفني مقولة الفيلسوف الألماني KANT، والتي استعادها ISAIAH BERLIN بقوة في مقولته: “من نسيج الإنسان الفاسد لايمكن ان نصنع شيئا جيدا “!!!!!
تصدني الضياء الساطعة فتدمع عيناي كأنني للتو انعتقت من ادران “كهف سهوار” المبدع والمترجم محمد الشركي او لكأني تحررت بغتة من براثن مغارة افلاطون…
ألعن آفة النسيان، لعنا افلاطونيا، التي ما انفكت تطاردني إلى حد أنها أمست مصدر إحراج لي فأقفل مقدما رجلا ومؤخرا أخرى ، عائدا من حيث قدمت..
ارتدي نظارتي…اتأكد مرة أخرى لئلا تفاجئني لعبة/لعنة النسيان. وكالعادة أنطلق مطرقا، متوجسا من حُفَرِ حافظتي المهترئة..
في الشارع تتداخل لدي مرة أخرى شخوص”القاهرة الجديدة ” بشخوص العوامة في” ثرثرة فوق النيل” …
اراها بصفاء أكثر رغم السهد واللغوب..
و باندهاش بالغ
أسأل: يا إلهي لماذا لم اعد ارى غير” محجوب عبد الدايم “و”انيس”والعوامة التي ينهض بأعبائها “عم عبده”و”كامل رؤبة” أحد شخوص رواية ” السراب”؟
أإلى هذا الحد صارت ذاكرتي مطرح نفايات على حد تعبير “خورخي لويس بورخيس” ؟…