ناصر السوسي
يعتبر كتاب “سفينة الولعين” ل”سيباستيان برانت” والمنشور في فبراير /شباط من عام 1494 اكثر شعبية بالنسبة لعشاق الكتب إلى حد أن العالِم الإنساني، والقسيس “غايلر” وظف مضامين الكتاب كموضوعات لمواعظ أيام الأحد كان يقدمها للمهووسين بعالم الكتب الذين صنفهم كما يلي:
1- من يجمع الكتب كمن يجمع الأثاث الثمين قاصدا التبجح بها. وهذا، في تقديره، مسلك قبيح، ذميم تصدى له الفيلسوف الروماني سينيكا SÉNÉQUE لأنه يجعل “الكثير من الناس دون اي تعليم مدرسي لايستخدمون الكتب للدراسة، وإنما لتزيين غرف جلوسهم”. وهكذا فإن من ينتظر شهرة من الكتب عليه أن يتعلم منها بتجميعها في رأسه لا في مكتبته، لا ان يربطها بسلاسل، وجعلها سجينته. ذلك ان هذه الكتب لو استطاعت أن تتحرر، وتتكلم لكانت “ستقوده إلى الحاكم، وتطالب بأن يسجن هو لاهي”.
2- الصنف الثاني هو الذي يقرأ بإفراط هدفا إلى بلوغ الحكمة، ويقارنه “غايلر” بمعدة معتلة، محشوة بطعام كثير كما يقارنه بجنرال لايستطيع إصدار الأوامر لكبر جيشه.
يتساءل “غايلر “: ماذا يجب فعله والحالة هاته؟ هل من الممكن رمي جميع هاته الكتب والتخلص منها نهائيا؟
فيجيب: ” كلا، لاتفعلوا هذا. لكن عليكم ان تختاروا الكتب المفيدة، وان تستخدموها بصورة سليمة في اللحظة المناسبة.”
3- من يجمع الكتب دون قراءتها بتمعن بل يتصفحها بشكل عابر إرضاء لفضوله المتعجرف. وهذا يقارنه “غايلر” بالمعتوه “الذي يركض عبر المدينة محاولا حفظ جميع اليافطات، والشعارات المصورة الموجودة في المنازل” علما بأن هذا ليس بالإمكان ليس لأنه مضيعة للوقت بل لأنه عديم الجدوى.
4- من يحب الكتب ذات الصور الكثيرة. يتساءل “غايلر”: ” ألا يعتبر منظر الشمس، والقمر، والنجوم، والبراعم وغيرها من الأشياء ألطف وأعذب على عيونكم؟ لماذا نحتاج إلى صور الناس، والورود في كتاب ما؟ ليحصل من ذلك “غايلر”: “إن حب الصور إهانة للحكمة.”
5- من يُجَلِّدُ كتبه بمواد ثمينة. إن SÉNÉQUE الذي يستلهم “غايلر” بنات أفكاره ينتقد جامعي الكتب الذين يجدون ضالتهم ومتعتهم في تجميع المؤلفات، والمجلدات في منازلهم لتضحى زينة لمنزل يرفل بالثراء.
6- الذي يكتب وينتج الكتب الرديئة دون قراءة المؤلفين الكلاسيكيين؛ ودون الإلمام بالإملاء، والنحو وفن الخطابة. إنه القارئ الذي صار كاتبا، والذي لايقدر على مقاومة إغراء وضع مؤلفاته التافهة إلى جانب كتب العظماء.
7 – اما النوع السابع والأخير من المولعين بالكتب فهو ذلك الذي يكره الكتب اساسا، ويحتقر الحكمة الموجودة طيها ومع ذلك يجمعها.
عن [● – مانغويل (ألبرتو): 2016، تاريخ القراءة، ترجمة سامي شمعون، الطبعة الخامسة، دار الساقي، بيروت، لبنان . ص.ص:324- 328.]
