ناصر السوسي
الشياطين، والأشباح، والجن، وطيور الغسق تنام في النهار لتسري ليلا بينما بعض أبالسة الإنس يصحون نهارا جهارا لينتشروا في الأرض بحثا عن “همزة” أو غنيمة او “هوتة ” .
فالليل سكن ونوم، والنهار عرق ومعاش.
في الليل تتحرر “مينيرفا MINÈRVE” لتنطلق بحثا عن الحقيقة.. هكذا علمنا HEGEL آخر فلاسفة النسق..
في الليل يتفتق سيل الإبداع لذلك قلما ينام في الدياجير الشعراء،
وكل المكتوين بلظى الكلمة..
الشعراء الحقيقيون ينتظرون مطالع قصائدهم في عز السهد،
وفي غمرة التوحد..
يهاجمهم القريض برهة كحرب الغوار لذلك يكونون دوما في اقصى حالات الاستنفار لتسجيل ومضات التجلي اللايقاوم.
أولم يكتب أستاذنا عبد الله العروي في”اوراق” إن الإبداع شبيه بحمامة عليك الاقتراب منها بحذر شديد وإلا طارت إلى غير رجعة؟..
للشعراء دم قرابة على نحو ما وفراشات الليل التي تنجذب في زهو غريزي إلى أنوار النيون متى يممت الشمس شطر الغرب وأرخت حلكة الصريم سدولها؟
يتقفى الشعراء قصائدهم محمومين كمجانين يتوسلون الكرى والناس نيام.
كمحمد شكري مجنون ليل طنجة..
أنا لا أعرف عشاقا لليل طنجة مثل محمد شكري، والروبيو، أو مثل الشاعر عبد اللطيف بنيحيى او الإعلامي الكبير خالد مشبال أو المبدع عبد اللطيف الفؤادي الذي انكسر على الجلاميد قلبه وهو قافل مستوحدا من مغارة هرقل قبل ان تقع الواقعة…
سلوا من جن من وله فأنشد حرقته بهذا القريض:
كلانا يامعاذ يحب ليلى
بفي وفيك من ليلى الترابُ
شركتك في هوى من كان حظي
و حظك من مودتها العذابُ.
سلوا مجنون إيلزا لوي آراغون LOUIS ARAGON..
مي زيادة الثائرة، و”النبي”جبران خليل جبران وهو ينثر لوعته في”دمعة وابتسامة”و”الأرواح المتمردة” كما في غيرهما…
سلوا نظم جميل بثينة…
سلوا ابن زيدون عن ملهمته بنت المستكفي وَلاَّدًة..
سلوا لوعة اعتماد الرميكية في وجدان الملك الشاعر المعتمد ابن عباد دفين أغمات..
شهرزاد نفسها تلظت من عشق الليل حينما وضعت كيانها على كف عفريت مراهنة على فن الحكي لتطويع فظاعة شهريار الأبيسية..
احك حكاية وإلا قتلتك !!!!!
كانت شهرزاد شلالا هادرا تروي قصصها المثيرة لشهريار في عز الليل. كانت واثقة من براعتها في القص وهي تواجه السيف البتار وجها لوجه بشجاعة عز نظيرها..
شهرزاد تلقنت دروسا لما بلغتها أخبار عابرات سرير شهريار اللائي سفح دمهن من غير وجه حق قبل أن تدركهن سهام شموس الصباح..
ظلت شهرزاد سيدة الليل بلا منازع ….
و سيدة “سيدها” من غير أن تكف عن كلامها المباح..
فقد راهنت على تليين عنف شهريار وأنسنة دوافع الانتقام التي استبدت ب”دو ساد DE SADE شهريار”غاية في الانتقام من الحريم..
ظلت شهرزاد سيدة الليل تحكي”الليالي” باحترافية نادرة “”فقاومت بالحيلة لتنتصر في آخر المطاف على نظيمة الأبوية، والذهنية القضيبية بذكاء أنثوي اخاذ..
استسلم شهريار لفن السرد فنام مكرها وقد ادركه الصباح في أحضان شهرزاد …
و ظلت شهرزاد صاحية حذرة منذ أزمان …
حتى وإن عسعس ليل المشتى وجن..
هي والرادارات البشرية..
هي والأقمار الآدمية السيارة..
و زد على هذا أبالسة الورى..
و عفاريت الجن الجدد من عترة تماسيح غرغري أو لاتغرغري !!!..
-■
