-آعْذُرْ أَسَايَ رَفِيقِي!!- (مرثية العمر الجميل)

●- شعر : ناصر السوسي

(في ذكرى المناضل الاتحادي الأخ، والصديق إبراهيم الراعي)

سَعيدٌ صَبَاحُكَ
إبراهيم.
بَارٍدٌ طقسُ اليَوْمَ
كَالرَّدَى بَارِدٌ
أيُّهَا الحَكِيمُ!
وَهَا نَحْنُ معا ياصَدِيقِي
مُكْرَهَان،
نَطْوِي سَوِيّاً مَسَافَاتِ
الغِيَّابِ.
وَحِيدٌ أَنْتَ فِي المَثْوَى
وَمُسْتَوْحِدٌ أَنَا فِي رَمْسِيَ
المعْلُوم؛
تَوَلِّيًّا مِنْ أَلَسِ
العَاسِفِين؛
وَمِنْ زمَان أنْتَ فِي هَذَا
سَيِّد
العَارِفِين..
كِلاَنَا، رفِيقِي، فِي
الوَجْدِ
وَالشَّجَن
سِيَان.
كِلاَنَا سَوَاء فِي
الاشْتِياقِ
وَالسُّلْوَان.
أنْتً فِي هُجُودِ
الغيَّابِ
وَحِيد.
وأَنَا فِي صَحْوِ الحُضُورِ
شَرِيد.
رَجَّتِي رَجَّتَان
إبراهيم،
مُنْذُ أزَمَان.
فَهَلْ تَذْكُرُ
رَجَّتي وَأَنَا وَسْطَ”الرَّهْطِ”؛
وبَيْنَ”الزُّوَار”
غَرِيبٌ …
طَرِيد؟! .
جُرْحُ شُتَنْبِر، صَدِيقِي،
أُخْدُودٌ فِي قَلْبِي مَدِيدٌ،
مديدٌ،
مَدِيدْ،
وَتَاسِع دُجَنْبِر
رَجّةٌ ثالثة هي أقْسَى،
أَقْسَى
وَأَمَرُّ .
اعْذُرْنِي،
واعذر أَسَايَ رفيقي!
سَأتَوقَّفُ هُنَا وَلَنْ
أَزِيد،
لأَنَّ لَظَى لَذْعَتي، لَوْ تدْرِي،
عَلَيَّ شديدٌ.
شَدِيدْ..
صباحُك سَعِيدُ
إبراهيم.
الجو باردٌ اليَوْمَ.
بَارِدٌ كالهَلاَك.
خَفَّ رَنْحُ لَيْلِي قَلِيلاً
قُبَيْلَ الشُّرُوق.
كابَرتُ بَأْسَاءَ رَنْحِي عَلَى مَضَضٍ
فَيَمَّمْتُ شَطْرَ شًارِعِ تادلة.
اشْتَقْتُ لارْتِشَافٍ قَهْوَة الصَّبَاح
تَكُونُ، كَالدَّيْدَنِ،
مِنْ صًنِيعِ يَدَيْكَ
قبل نُنَادي عَلَى المُصْطَفَى
لِيَكْتَمِلَ دِفْء الجَلْسةِ المُغلقة؛
فَنَسْتَأْنِفُ اتِّجَاهَنَا المعاكس.
غًالَبْتُ جَحِيمَ رَنْحِي،
سَمِعُتُ أَزِيزَ ريحٍ مُحَمَّلَة بِنَدَى المُحِيط
وَقَدْ طَالَ انْتِظَارِي قُبَالَة
البَاب.
لَمْ أَرَ الخَبَّاز،
ولم يَأْتِ، كَالدَّأْبِ،
إبراهيم
فِي هَذَا الصَّبَاح!
وَلاَ الحَلاَّب.
كَانَ الشَّارِعُ قَاعاً صَفْصَفاً،
قَفْراً
قِفَاراً،
كَانَ مِثْلَ
اليَبَاب.
قَهْوَتِي مُرَّة
لَمْ أشْرَبْهَا.
قَهْوِتِي مُرَّة
عِفْتُها،
يَنْقُصُهَا
سُكَّر،
وَمُنَاجَاةُ،
وصوتك.
يَنْقُصُهَا بَهَاءُ
حُضُورِكَ صَاحِبِي!
لأَنَّك تُبْحِرُ فٍي خِضَمِّ السِرِّ السَّرْمَدِيِّ
وَثَنَايَا
الغيَّاب.
فَقَفلْتُ عَائِداً من حَيْثُ أَتَيْتُ،
إلى مِحْرَابِي،
مًلاًذِي،
عُدْتُ وَفِي حَلْقِي غُصُّةُ مِنْ شَجَنٍ،
وَمَا فِي النيَّةِ قَطُّ
الإيَّاب!
عُدْتُ أَدْرَاجِي
مُتَعََثِّراً
مِنْ أَسًى
وَكَمَد،
وَأنَا فِي غَمْرَة القَرِّ،
وَالرَّنْحِ
والعَذَاب،
أَقُولُ وَأرِدِّدُ،
رغم مَكَرِ الرِّعَاعِ
الكَائِدِين،
الأفَّاكِين:
عَلَى رُوحِكَ أيُّهَا المَلاَكُ الأمِين!
السَّلاَمُ
والرَّحَمَةُ،
وكلَّ البَهَاء
إِلَى أَبَدِ الآبٍدِين..

Related posts

Leave a Comment